جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
فتاوى الصيام
176584 مشاهدة print word pdf
line-top
التغني بالقرآن

س174: ما معنى التغني بالقرآن ؟ وما حكمه؟ وما معنى التحبير في القراءة؟ وماذا ترون في مسألة تكلف بعض الأئمة مع نطق القرآن بحيث يخرجون عن سجيتهم بقصد تحبيره؟
الجواب: التغني هو تحسين الصوت بالقرآن والترنم به؛ وهو مستحب لحديث أبى هريرة: ليس منا من لم يتغن بالقران وروى مسلم عن أبي موسى قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود وروي عنه أنه قال: لو علمت أنك تستمع إلي لحبرته لك تحبيرا.
والتحبير تحسين الصوت وتحزينه، وحيث أعجب النبي بصوت أبي موسى وأقره على التحبير؛ فإن ذلك يدل على الاستحباب، لكن التكلف والتشدد في النطق بالحروف، والمبالغة في المد والشد والإظهار، والإفصاح الزائد عن القدرة المعتادة لا يجوز؛ فإن قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس فيها تكلف، فقد قرأ سورة البقرة والنساء وآل عمران في ركعة. وقد ثبت عن عثمان -رضي الله عنه- أنه كان يختم القرآن في ركعة، ولو كانوا يتكلفون هذا التكلف المعهود في قراءة المعاصرين لما أمكنهم ذلك، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- اقرءوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه رواه أبو داود بمعناه قال النووي في التبيان: معناه يتعجلون أجره؛ إما بمال، وإما بسمعة ونحوها.
وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل العشق ولحون أهل الكتابين، وسيجيء بعدي أقوام يرجِّعون بالقرآن ترجيع الغناء والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم والله أعلم.

line-bottom